هارون الرشيد ............................ وقال يا أصمعي أريد منك أن تُحدثني بأجـود ما سمعت من أخبار النساء وأشعارهن فقال : سمعاً وطاعة :
لقد سمعتُ كثيراً ولم يُعجبني سوى ثلاث أبيات أنشدهن ثلاث بنات فقال :
توجهت إلى البصرة فاشتدَّ علي الحـــر ، فطلبت مقيلاً أقيل فيــه ، فلم أجد فينما أنا أتلفت يميناً وشمالاً ، إذ أنا بساباط مكنوس مرشوش وفيه دكَّــة من خشب وعليهــا " شباك مفتوح تفوح منـــه رائحة المسك " فدخلت وجلست على الدكَّــــة ،
فسمعتُ كلاماً عذباً من فـــم جارية حسناء ، وهي تقول يا أختي إنا جلسنا يومنا هذا على وجـــه صبوح ،
تعالين نطـــرح ثلاثمائة دينار وكل منا تقول بيتاً من الشعر ، فكل من قالت البيت الأعذب الأملـــح كانت الثلاثمائة دينار لهـــا ، فقلن حباً وكرامةً ، فقالت الكبـــــرى :
عجبتُ لــه أن زار في النوم مضجعي ولو زارني مستيقظا كان أعجبــــا
فقالت الوسطى :
وما زارني في النوم إلاَّ خيالــــــــــــه فقلتُ لــه أهلاً وسهلاً ومرحبـــــــــا
فقالت الصغرى :
بنفسي وأهلي من أرى كل ليلــةٍ ضجيعي وريــــاه من المسك أطيبا
فقلت إن كان لهذا المقال جمال فقد تم الأمـــر على كل حال ، فنزلت عن الدكـــة وأردتُ الانصراف ، وإذ بالباب قــد فُتِـــح ، وخرجــت منــه جارية ، وهي تقول اجلس ياشيـــخ .
فطلعتُ على الدكـــَّة ثانية ، وجلست فدفعت إلَّي ورقةً ، فنظرت خطاً في نهاية الحُسن ، مستقيم الألفات ، مجوف الهاءات ، مدور الواوات ..
مضمونهـــا " نُعلِم الشيخ أطال اللـــَّه بقاءه أننا ثلاث بنات أخوات ، جلسنا على وجـــه الصبوح ،وطرحنا ثلاثمائة دينار ............... ............... كان لها الثلاثمائة دينار . وقد جعلناك الحكـــم فاحكـــم بما تراه والسلام .
فقلت للجارية : علَّي بدواة وقرطاس فغابت قليلاً ثم عادت بدواة مفضضة وأقلام مذهبة فأنشأتُ أقول .........................أنا بدوري أطرح عليكم شباب وصبايا هذه المسألة { للإستفتاء } وسأُوافيكـــم بالنتيجـــة غداً بإذن اللـــــــــــــَّه .. مع عاطر التحيات والسلام ....................