البيرق

موضوع: البيرق الخميس أكتوبر 29, 2009 12:31 pm

الراوي

إن تلك اللوحات النظاليه التاريخيه , التي يعطر ذكرها مجالسنا وتلون بالإعتزاز ما يدور من أحاديث

في مضافاتنا . تضعنا في حالة مشحونه بعاطفه فائقه فننظر إليها بكثير من القداسة والإحترام

كان العالم أبسط تكويناً وأكثر عفوية .........والمستقبل أكثر وضوحاً

في حين تعتريني دهشة التغيرات ....وذهول التبدلات العصرية إلى درجة الإحساس بالتحرر

من كل الموجبات والإلتزام إلى درجة الإنفلات

رسمت لها في ذاكرتي صورةً ما تزال محافظة على كل تفاصيلها

لقد فعلت الأيام فيها فعلتها .........فبدلت بشرتها السمحه الغضه بكثيرٍ من التجعدات

والإنكسارات في تضاريس وجهها ....ومالت قامتها بإنحنائة خفبفة مثل انحناء

شجرةِ أثقلها الثمر ...........لكن لونها الأشقر وعيونها الجميله تدلان على صبىً

غض , وأنوثةٍ ناعمةٍ , أما نبرات صوتها وصرامةِ أوامرها فهي بقايا

ماثلة على قوة شخصية هذه المرأه ........والتي ستكون بطلة حكايتنا هذه

في معركة المسيفره المجيده . كانت ملاحم بطوليه أدهشت العدو

قبل الصديق لقد نجح فيها الجنرال غاملان باستدراج مجاهدي الجبل

من جبلهم المنيع والتي تحارب فيه الأرض مع أصحابها ...إلى سهل حوران

الفسيح ....إلى قرية المسيفره الحورانيه السهليه المحاذيه لحمى الجبل

لقد حصّن عساكره حولها بالمتاريس والخنادق والأسلاك الشائكه

ووضعهم على أهبة الإستعداد ينتظرون قدوم المجاهدين اليهم

ليثأروا لقتلاهم المنشوره في عرض البراري في مسافةٍ لا تقل

عن عشرة كيلو مترات طولاً وخمسة كيلو مترات عرضاً

في موقع (المزرعه) أرادها معركه ترفع من معنويات جنوده المنهاره

على أثر الأهوال التي لاقوها في معركة المزرعه وبواسطة جواسيسه

المنتشره في كل مكان استطاع أن يخدع المجاهدين

بأن سرّب إليهم أخبار كاذبه تتحدث عن ثلاثمائة جندي فقط في قرية المسيفره

الحدوديه ولا سند لهم إلا سلاحهم الفردي ....وانطلت الحيله على الثائرين

وخالفوا رأي قائدهم سلطان بأن يستدرجوا العدو إلى الجبل وليس العكس

وكانت المعركه المخيفه والتي دامت من ظلمة الفجر وحتى حلول الظلام

كانت خسارة المجاهدين حوالي أربعمائة مجاهد بطل

لم يعودوا إلى ذويهم بالنصر والغنائم بل عاد خبر بقائهم في أرض المعركة

جرحى أو قتلى

وكان من بين الشهداء حامل بيرق قرية أم الرمان البطله

وهو من آل أبو عاصي الكرام ...لقد أفنت الحرب شباب تلك العائله

في القريه حتى لم يبق منهم رجل واحد ليستمر في حمل شرف ورعاية

البيرق بيرق أم الرمان

فأودع البيرق في دار زعيم البلده البطل المرحوم أبو حمد سلمان الأطرش

ريثما يتم الإتفاق على من سيحمله ويرفعه عالياً كسابق عهده

وبعد أيامٍ معدوده ....وفي صباح يوم 22-9-1925 استفاق الناس مع خيوط الفجر

الأولى على صوت (المفزّع ) وهو يركض في أزقة القريه وطرقاتها ويصيح:

(وين راحوااااااااااااوين راحوا النشامى) العدو بالحمى

هبوا يا أهل الحميه للدفاع عن الأرض والعرض ...................!

وهبَّ المجاهدون كعادتهم بخيلهم وسلاحهم وزادهم ............

ولكن أين البيرق .....؟

ومن سيحمل البيرق..........؟؟

إن آل أبو عاصي أفنوا شبابهم تحته ..............!!!ولم يُتفق على من

سيحمله من عائلات أم الرمان ........فكل عائله تروم شرف الإستحواذ

عليه .........وتتزاحم العائلات ويدب الخلاف بينهم وهذا يعني أن البيرق

سيبقى قابعاً في مخبئهِ ريثما يتيسر من يحمله ويكفله ويحميه ...........

فكما أن العلم رمز الوطن ........فالبيرق رمز القريه ........وحامله قائد شبابها إلى المعركه

إذ على حامل البيرق أن يتقدم مجاهدي البلده فيلزمه الشجاعه........

.وأن يكون قادر على حملهِ

فيلزمه القوه ...........وأن يرعى شباب البلده ويتفقدهم في أكلهم وشربهم وانضباطهم

فيلزمه الرعايه الحسنه

وأن يتعرف على قتلاهم ويأمر بإنقاذ وحمل جرحاهم فيلزمه حسن القياده

وهكذا تسابق الجميع على هذا الشرف .........فاختلفوا وعاد كل منهم إلى بيته

إلى أن تُحل هذه المشكله المعلقه......إنها مشكلة من يحوز هذا المجد ....!!!

ومتى كان المجد سهلاً......متى كان المجد سهلاً......؟؟!!

لم يجتمع المجاهدون في ساحة البلده!!!!

لم يلعلع الرصاص فوق رؤسهم !!!!

لم يخرج (لاعبوا الجوز )ليبعثوا الحماس في نفوس المجاهدين!!!

ولم تعلُ الأهازيج والزغاريد !!كما اعتادت البلده في كل مسيرةٍ للجهاد

والسبب غياب البيرق وقلق الجميع على الأثر الذي يترتب على غياب بيرق أم الرمان

عن ساحة الجهاد والكرامه

فماذا يقول الآخرون ...........؟؟؟؟

الوطن ينادي ...........وسلطان الأطرش ينادي ..............

وكل القرى تنادي للجهاد ..............

فهل تغيب بلدة الجهاد هذه المره عن الجهاد ...........؟؟

ودقت نواقيس الخطر في أذن أم الشهيد وخالة أم الشهيد

.........السيده أم نسيب ..............

وما فتئت أن تحولت إلى أجراس تدن في رأسها .......وفي محاكاةٍ ذهنيةٍ بسيطةٍ

أدركت أنها محنةٍ فرضها عليهم الأجنبي الآتي من وراء البحار...............

السوريون لم يعتدوا ولم يركبوا البحر للقرصنه والنهب

فما بال أوربا إلينا .....؟

تأتي بحجة تعليمنا وتدريبنا ومساعدتنا .....لنصبح قادرين على إعانة أنفسنا

فأتتنا بالرصاص والمدافع والقنابل والطائرات تزرع عندنا الدمار

والقتل والعناء.............

عندها فإن حريتنا مشروعة ..........إنها الدفاع عن النفس والأرض وكل المقدسات

واندفعت أم نسيب إلى دار الشيخ حيث أُودع البيرق

تضمه إلى صدرها , وتحمله على كتفها , كما كانت تضم وتحمل ولدها في صغره

واندفعت به إلى ساحة القريه ............وغرزت رمحه في الأرض

ونشرت اللواء بألوانه الزاهيه ............وانتزعت (فوطتها) عن رأسها وهي تنتخي

لبيك أيها الوطن ...........لبيك أيها البيرق

وعلا صوتها في كل مكان واخترق كل الأذان .............وهي تقول وين راحواااا

فالرجل الذي سمع النداء ولم يخرج لم يعد رجل................

والسيف الذي لم يترك غمده لم يعد سيف

دقائق قليله مرّت ..........وإذ بالساحه قد امتلأت رجالاً ...........

وانطلقت الزغاريد

وأقبل لاعبو المجوز

وحاملو السيوف

ولعلع الرصاص

وارتفع الحداء

أخذ البيرق من يد حاملته بطل من (آل الهادي) يهزه بيمينه , ويضمه إلى صدره

ويضعه على رأسه ...........وبدأ عهد جديد فقد عاد البيرق إلى عزه

وعاد الوطن إلى زهوه ..........وكان ذلك بهمة البطله(أم نسيب علياء المغربي)

وسارت الجموع إلى ساحة المعركه لتنازل القوات الفرنسيه في معركتي

(عرى _ ورساس) ويبلي المجاهدون البلاء الحسن

وبمشيئة رب العالمين لم يخسر المجاهدين يومها ولا حتى فرد من افرادهم

لم تكن أم نسيب إلا واحده من عشرات بل مئات الأمهات العربيات

اللواتي جاهدن كالرجال , وضربن المثل الأرفع في الوطنيه والبطوله

</TD></TR>
<tr><td class=genmed height=26>
</TD></TR></TABLE>

موضوع: رد: البيرق الخميس أكتوبر 29, 2009 3:04 pm

تحياتي لك على العروبيه المتاصله
والرحمه على كل شهداء الجبل
الغالي
والبيرق مرفوع الى الابد

موضوع: رد: البيرق الخميس أكتوبر 29, 2009 9:16 pm

موضوع رائع

الف شكر لك